بسم الله الرحمن الرحيم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصطفى شردى
إلى الذين اختزلوا التاريخ فى عامين من تاريخ مصر
إلي الذين اعتبروا أنفسهم هم الوطنيين ومن سبقهم خونة..
إلي الذين يريدون غسل تاريخهم بادعاء بطولات وهمية يضحكون بها علي الشباب..
إلي كل مصري عمل وناضل ودفع ثمن نضاله ضد نظام فاسد في قمة قوته وشبابه، أذكرهم بفارس الصحافة المصرية علي الاطلاق، أذكرهم بالرجل الذي قلب كل موازين العمل الصحفي في مصر وحول الصحافة الحزبية من منشورات داخلية الي صحافة لكل الناس تدافع عن المظلوم وتحارب الفساد وتدافع عن حقوق الانسان وتعطي الحق لكل محروم من التعبير عن رأيه أن يعبر.. فلولاه ولولا «الوفد» ما كان هؤلاء هم الآن يتحدثون ويحكون ويتكلمون.
ففي مثل هذا الأسبوع من 23 عاما فقدت مصر أحد ابرز مناضليها من وقف في وجه مبارك وعصابته منذ اللحظة الأولي، انه الكاتب الصحفي الراحل مصطفي شردي مؤسس جريدة الوفد ونائب الشعب عن بورسعيد، وكان فارسها وعاشقها في مثل هذا الأسبوع فقدناه نحن ابنائه من الصحفيين العاملين بالوفد، وقلنا يومها ذهب رجل لن يعوض مرة أخري وبالفعل وبعد مرور كل هذه السنين لم يأت أحد ليسد الفراغ الذي تركه فينا.
ومن لا يعرف مصطفي شردي من الجيل الجديد أقول لهم إنه من مواليد 5/10/1935 ببورسعيد، وحصل علي ليسانس آداب «قسم صحافة» عام 1961 جامعة القاهرة.
ورث مصطفي النحاس محمد شردي وهذا هو اسمه كاملا حب الصحافة من أبيه «محمد شردي» الذي كان يعمل محررا بجريدة «المصري»، وكان مصطفي شردي في مدرسته يصدر مع أقرانه مجلة حائط يومية يكتبونها بأيديهم، وعندما وصل إلي سن الخامسة عشرة، بدأ رحلته الصحفية مع جريدة «المصري»، وكان وقتها يغطي أحداث معارك الفدائيين في منطقة القناة وعندما أغلقت جريدة «المصري» انتقل إلي «دار أخبار اليوم - الأخبار اليومية – الجيل - آخر ساعة يكتب، ويلتقط الصور، ويبعث الإثارة بتحقيقاته المصورة.
في عام 1956 حقق مصطفي شردي أول نصر صحفي في حياته فبينما كان يحمل البندقية للدفاع عن مدينته الصامدة بورسعيد كان يخفي الكاميرا في ملابسه، والتقط عشرات الأفلام التي تفضح العدوان، وهي الصور التي استغلها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وارسلها مع الكاتب الكبير مصطفي امين وعرضها في جميع دول اوروبا وأمريكا وقلبت الرأي العام الدولي ضد العدوان الثلاثي.
وفي عام 1958 سافر إلي لبنان ليغطي أحداث الحرب الأهلية هناك، وفي عام 1970 كلفته أخبار اليوم مع مجموعة من الطيور المهاجرة في الخليج العربي ليساهم في إصدار صحيفة «العروبة القطرية» بالدوحة، ثم انتقل إلي أبو ظبي ليؤسس أول جريدة يومية في دولة الإمارات العربية، وهي «الاتحاد»، وقد أسسها مع نخبة من فرسان الصحافة أمثال (جمال بدوي وجلال سرحان وعباس الطرابيلي وجلال عارف..)، ثم أسس جريدة «الوفد» الأسبوعية عام 1984، والوفد اليومية في مارس 1987 رئيسا لتحريرها، وظل في هذا المنصب حتى توفاه الله عام 1989.
مناضل منذ الصغر
فلم يكن عمره يتعدي 16 عاما خاض معركته الأولي مع العدوان الثلاثي كما كان احد ابطال الحرب. فأثناء العدوان الثلاثي علي مصر بقي مصطفي شردي في بورسعيد: وهي حبه الأول والأخير.. وتحت القنابل وفي مواجهة القنابل سدد اليها مصطفي شردي الكاميرا.. فالتقط ألوف الصور التي كانت المصدر الوحيد لتوثيق جرائم العدوان الثلاثي ضد مصر وشعب بورسعيد. ونشرت هذه الصور في كل الدنيا.. في كل الصحف وعلي كل الشاشات. وكانت أخطر سلاح ضد العدوان.. لقد كان مصطفي شردي قائدا لجيش, هو القائد, وهو الجيش المنتصر علي كل قوي العدوان.وقرر الرئيس عبدالناصر أن يسافر الكاتب الكبير مصطفي أمين ومعه مئات الصور للمصور المجهول يقدمها في المؤتمرات الصحفية التي عقدها في العواصم الأوروبية.. فماذا كانت مكافأة مصطفي شردي؟!. أصدر الرئيس قرارا بوقفه عن العمل.. وأما مكافأة مصطفي أمين, فقد قرر سجنه تسع سنوات ولم يكن الصحفي, المصور, الوطني المخلص مصطفي شردي في حاجة إلي مكافأة. ولكن شعب بورسعيد الذي أحبه هو أحب بورسعيد وبورسعيد كلها احبته ومصر قبلها.
معارك ضد الفساد ودفاعا عن الحريات
خاضت «الوفد» بقيادة الاستاذ معارك ضارية ضد الفساد ودفع شردي اثمانا باهظة لهذه المعارك من بداية معركة قصر العيني والذي تورط فيها رئيس مجلس الشعب الأسبق المرحوم الدكتور رفعت المحجوب وقضية الصرف في البحر في محافظة الإسكندرية ومروا بفضيحة الاموال المستردة وغيرها من مئات القضايا ومن المعارك الضارية ضد الفساد في كل مكان وفي كل مجالات الفساد في الزراعة وفي الصناعة، خاصة صناعة النسيج وفي التجارة والتموين ومافيا الاستيراد فكان شعاره الحرب علي الفساد لن تتوقف وكنا شبابا فكنا نجري خلف الوثائق والمستندات ليل نهار نكشف ونوضح ونواجه وأدت حربه علي الفساد الي رفع الحصانة البرلمانية عنه في نصف ساعه ووقتها أعلن تحت قبه البرلمان ترحيبه برفع الحصانة وقال لتكن معركتي مع الفساد امام ساحة القضاء المصري العادل وأنصفه القضاء الذي كان وقتها الحصن الأخير لنا في كل الحروب ضد نظام مبارك الفاسد.
شردي لم يتورع في الهجوم علي مبارك في عشرات المقالات كان ينتقد بقوة كل تصرف لمبارك وتصدي لمحاولاته الدائمة القضاء علي مدينة بورسعيد، وأتذكر مقاله الشهير عندما أراد مبارك استبدال ميناء دمياط بميناء بورسعيد وكان عنوانها «بورسعيد بلدي يا ريس» وحذره فيها من المساس بالمدينة وشعبها ومصدر رزقهم، وتراجع مبارك عن قراره، كما أتذكر مقاله عندما قال ان المعارضة جزء من النظام وهي المقولة التي استنكرها الاستاذ وقال ليه كيف تكون المعارضة جزءا من النظام؟
خاض شردي معارك من أجل الحرية كان منذ اللحظة الاولي ضد قانون الطوارئ وضد الاعتقالات والتعذيب وضد المحاكم الاستثنائية بكافة أشكالها وصورها، وحرضنا علي كشف انتهاكات حقوق الانسان في اقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز وتصويرها ورصدها، وكانت «الوفد» ملاذ كل مظلوم ومعذب، وكانت الوفد اول صحيفة مصرية أفردت مساحات لمنظمات حقوق الانسان في مصر والعالم وكانت تنشر كل تقاريرهم وبياناتهم، وأتذكر أنه كان يشجعنا علي دعم هذه المنظمات التي كانت تعمل وقتها بالأمر الواقع، قادنا شردي إلي معركة مع وزير الداخلية المرحوم زكي بدر وكانت حربا شرسة بمعني كلمة شرسة فكانت كل أجهزة الداخلية مسخرة للانتقام من صحفيي الوفد ودفعنا ثمنا كبيرا حتي الآن ندفعه لكننا راضين لما تعلمناه من استاذنا ومعلمنا لم يكن استاذنا لا يعرف إلا الحق ولم يهادن في حق او يساوم كان يرفض كل الضغوط علي الجريدة حتي ولو كانت من الحزب وكان يقاومها بقوة وكان دائما يقول جريدة الوفد جريدة الشعب المصري كله وليست جريدة حزب الوفد كانت كل اطياف المجتمع تكتب فيها من الاخوان المسلمين حتي الشيوعيين الكل كان يجد فيها وسيله لطرح افكاره ويعبر عن رأيه.
ففي الوقت الذي تخاذل فيه الجميع وكان يديرون حوارات سرية مع النظام كان شردي يقاوم الفساد بعنف ويدافع عن الحريات بعنف، كان قلبه مريضا بحب مصر هذا الحب الذي أتعبه وأتعب تلاميذه من بعده، هذا الحب الذي اتعب روحه فتوفي رحمه الله في يوم 30 يونيو 1989 ففي صباح هذا اليوم وكان محتجزا بأحد المستشفيات بالقاهرة فارقت روحه الحياة وحملنا بأمانة تئن من حملها الجبال.
وفي يوم جنازته المشهود وجدنا مئات الآلاف في ميدان التحرير خرجت مصر كلها تودع فارسها وابنها خرجت مصر تبكي من دافع عن شعبها بصدق ومن قلبه هذه الحشود أزعجت النظام كله لم تحدث في مصر إلا في وفاة الزعيم خالد الذكر مصطفي النحاس باشا محمد شردي فاختطف الأمن نعشه ووضعه في سيارة اسعاف وتوجهت به الي بورسعيد وكانت هناك المفاجأة بورسعيد كلها تتنظر مصطفي شردي نعم بورسعيد كلها أطفالا وشيوخا شبابا ونساء الكل خرج الي الشوارع وما فشلنا نحن فيه في القاهرة في حماية نعشه نحج فيه شعب بورسعيد، فحملوا السيارة وطافوا بها المدينة لمدة 5 ساعات وتم دفنه في مشهد لن يمحي من الذاكرة أبدا.
هذا هو فارس الصحافة المصرية فارس لم يكن همه مهادنة الأمن أو الدولة أو الحزب الحاكم، كان همه وحبه فقط مصر ومدينته الباسلة بورسعيد لم تكن تعنيه مصالح خاصة لحزبه أو لنفسه.. كان همه مصر أولا وقبل كل شيء.
مجدي حلمي
المدون :
هذا الرجل أول من زرع فى قلبى حب الوطن ..وأول من جعلنى عاشقاً للكتابة والكلمة الحرة الجريئة.
على كتاباته ومقالاته شعرت بمدى الخداع والوهم الذى عشنا فيه مع مايسمى بالصحافة ( القومية) والتى كانت بمثابة المخدر الذى أفقد المصريين وعيهم ، حتى ظهرت جريدة الوفد فى عام 1984 م برئاسة تحرير فارس الكلمة والقلم ( مصطفى شردى ) واستقبلناها واستقبلناه بكل الفرح والسرور ، كنت أتسابق يومياً مع طوابير الباحثين عن الحقيقة والحق من أجل الظفر بنسخة من جريدة الوفد والتى أصبحت فى سنوات قليلة صحيفة المصريين الأولى.
رحمه الله تعالى وجزاه عنا خير الجزاء ، ولن أكون مبالغاً إذا قلت أن هذا الرجل هو باعث الحياة والروح فى الشعب المصرى.
رخمة الله عليه
ردحذفكان معارضا شرسا لنظام مبارك
تحيتي اخي
الأخ والصديق الكريم : خالد
حذفرحمه الله
للأسف الكثيرون لايعرفونه ..ولايعرفون مدى ماقدم لمصر من تضحيات
ولكن عزاءنا أن الله يعلم ويجزى.
تقبل أخى خالص تقديرى واحترامى
بارك الله فيك وأعزك
رحمه الله
ردحذفواضح إنه كان شخصية عظيمة
فشكراً لك أستاذ محمد على التذكير
رحمه الله تعالى
حذفنعم كان كذلك وهذا ليس رأيى فقط بل هو رأى كل من عرفه
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته اللهم آمين
ردحذففلم أسمع به قبل ولكن له سيرة مشرفة هنا ولا يجب أن نغفل عن سيرة مشرفة مثل هذه السيرة للمناضل الذي قال كلمة حق عند سلطان جائر تحياتي الصادقة أخي في الله محمد
لقد عان النظام السابق منه كثيراً
حذفوبعد وفاته عمل جاهداً على إخفاء سيرته وردم كل جهوده ولكن هيهات هيهات....
نظام المخلوع عمل جاهداً على طمس ذكراه
ردحذفولكن من سيذكره التاريخ بفخر المخلوع ام شردى رحمه الله
أخى الكريم : م/ سامى الاسكندرانى
حذفأكيد الإجابة جاءت واضحة من الأحداث
السلام عليكم
ردحذفحقيقة لم اسمع به من قبل استاذ محمد
لكن واضح من كلماتك وحبك له انه كان شخصية رائدة فى مجالها
ومصر غنية بعظمائها لكن اعلامنا المضلل الفاسد الذى بامكانه ان يدعم تاريخ هؤلاء لا يفعل الا العكس تماما لصالح اناس فاسدين
رحم الله موتانا وجميع موتى المسلمين
وجزاه خيرا عما قدمه لمصر وشعبها
تحياتى الدائمة لك اخى العزيز
هذا الرجل سيدتى فى حياته كان ملء السمع والبصر
حذفولأنه كان العدو اللدود للنظام السابق عمل حملة المباخر من المنافقين من أهل الإعلام الموجه على طمس معالم بصماته.. ولكن مازال هناك من يحمل له فى قلبه الذكرى الطيبة
رحمه الله وجزاه عن مصرنا خير الجزاء
اللهم ارحمه و اغفر له
ردحذفهو و كل من كان حيا حين كان الجميع اشباه موتى
اللهم آمين
حذفأحييك أخى الكريم : د/ مصطفى
على تعليقك القيم
بارك الله فيك وأعزك
الله يرحمه
ردحذفنعم الرجال هو وأمثاله
التاريخ صفحات لا تختزل فى شخص
او فى عام أو عامين بل هو كالبناء
جزء مع جزء مع جزء نصنع حياة
رحمه الله
حذفنعم سيدتى ..صفحات التاريخ لاتختزل فى شخص أو فى عام أو عامين
بل هو كالبناء
جزء مع جزء مع جزء نصنع حياة
بارك الله فيك وأعزك
لا تنسى أخي في الله محمد يوم 9 يوليو يوم التضامن مع سوريا ويوم 20 يوليو جمعة التاريخ الأسود تحياتي الصادقة
ردحذفشكراً لك سيدتى على التنبيه والتذكرة
حذفبارك الله فيك وأعزك
دائما العظماء لا يذكرون إلا بعد رحيلهم : تعقيب للاخت كريمة سندي . شكرا على تضامنكم مع الشعب السوري . نتمنى عليكم كمصريين رفع مطالب لحكومتكم ان تمنع السفن الروسية من الوصول الى بلادنا للأسف الشعب السوري يعتب على مصر حكاما وولاة امور من عدم اتخاذها اي اجراء ولو بمنع السفن ....
ردحذفولكم الحق فى كل عتاب ....
حذفنصركم الله تعالى وأعزكم